/ الفَائِدَةُ : (107) /
01/06/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / الخلط بين المعاني الْعَقَلِيَّة والمعاني الذِّهنيَّة / يَنْبَغِي أَنْ لا يُخلط بين المعاني الْعَقَلِيَّة و المعاني الذِّهنيَّة والفكريَّة المتبادرة في الأَذهان ؛ لأَنَّ الْعَالَمَ الْعَقْلِيَّ ليس ما نتوهمه ويتبادر إِلى أَذهان عامَّة البشر ؛ من أَنَّه صقع مَوْجُودٌ فِكْرِيٌّ وإِدراك ذهنيٌّ ، وإِنَّما هو جَوْهَرٌ وحقيقة تكوينيَّة ، مُنْفَكَّة ومُنحَازة عن ذواتنا ، وله عَالَمه الخاصّ ، وهو فوقَ عَالَم الجنَّة الأَبديَّة ، ومُهَيْمِنٌ على ما دونه من العوالم ، فهو داخل فيها ، لكن لا بالممازجة والمزاولة ـ كدخول اللطيف في الاغلظ ـ ، وخارج عنها ، لكن لا بالمباينة والمزايلة ـ كخروج اللطيف من الاغلظ ـ ، ومعناه : أَنَّ الْعَالَمَ الْعَقْلِيَّ آية من آيات هيمنة الذَّات الإِلٰهيَّة الأَزليَّة المُقَدَّسَة ، فتكون معانيه : جَواهرٌ ووجودات تكوينيَّةٌ خارجةٌ ومُنحازةٌ ومُنْفَكَّةٌ عن ذواتنا. فأعدِ الكَرَّة ، ولاحظ ما تقدَّم من بيانات الوحي وغيرها فستجد صِدْقَ ما ذكرناه واضحاً. ومنها يتَّضِح : أَنَّ العينَ الْعَقَلِيَّةَ والإِدراكَ الْعَقْلِيَّ : جَوْهَرٌ وأَمْرٌ تَكْوِينِيٌّ ، وليس هو الفكر والصُّوَر الذِّهنيَّة ؛ فإِنَّ الفكر والتَّفَكُّر آليَّة العين الْعَقَلِيَّة ، وواقع المرئي بها(1): صقع عَالَمٌ عَقْلِيٌّ ، وَاسِعٌ وشَاسِعٌ ، ومُهَيْمِنٌ على ما دونه . نعم لا يمكنها إِدراك كُنْه العَالَم الْعَقْلِيّ والإِحَاطَة به ، وإِنَّما إِحَاطَتها بمساحات وبقع منه. وهذه القضيَّة مِنْ أَوَّليَّات بحوث المعارف ، لا يمكن للباحث في أَبواب المعارف تخطِّيها. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) مرجع الضَّمير في كلمة : (بها) و (لا يمكنها) و (إِحاطتها): العين العقليَّة